جدري القرود في إفريقيا: تعاون مكثف للسيطرة على الانتشار وتعزيز الاستجابة الطويلة الأمد

كتب: أحمد محمود
في ظل استمرار انتشار جدري القرود وتسجيل حالات جديدة في مناطق مختلفة بالقارة الإفريقية، تضافرت جهود منظمة الصحة العالمية والمراكز الإفريقية لمكافحة الأمراض والوقاية منها لتعزيز التعاون المشترك ومواجهة التحديات المعقدة التي يفرضها هذا المرض.
خطة استجابة محدثة لمواجهة التحديات
أكد الطرفان، في بيان مشترك، التزامهما بتنفيذ خطة الاستجابة القارية المحدثة، والتي تركز على ثلاثة محاور رئيسية: السيطرة على التفشيات الحالية، وتوسيع نطاق التطعيم ضد جدري القرود، والتحول نحو استجابة طويلة الأجل ومستدامة تدمج المرض ضمن خدمات الصحة العامة الروتينية. وشهدت جهود الاستجابة تطورًا ملحوظًا منذ إعلان حالة الطوارئ الصحية القارية في أغسطس 2024، خاصة في جمهورية الكونغو الديمقراطية، بؤرة التفشي الحالي.
نجاحات مبشرة في حملات التطعيم
تُشير الأرقام إلى إعطاء أكثر من 650,000 جرعة من لقاح mpox في ست دول إفريقية، منها 90% في جمهورية الكونغو الديمقراطية. وتم توزيع أكثر من مليون جرعة في عشر دول، مع استمرار الجهود لتأمين المزيد. وتتضمن الخطة المحدثة عشرة محاور رئيسية، تشمل التنسيق، التواصل حول المخاطر، المشاركة المجتمعية، الترصد الوبائي، تعزيز قدرات المختبرات، إدارة الحالات، الوقاية من العدوى، التطعيم، البحث العلمي، سلاسل التوريد، واستمرار الخدمات الصحية الأساسية.
تطوير القدرات التشخيصية
شهدت جمهورية الكونغو الديمقراطية تطورًا كبيرًا في قدراتها التشخيصية، حيث ارتفع عدد المختبرات من مختبرين في نهاية 2023 إلى 23 مختبرًا موزعًا على 12 مقاطعة، مع بدء استخدام أدوات فحص جديدة قريبة من نقاط الرعاية الصحية. هذا التطور يسهم بشكل كبير في الكشف المبكر عن الحالات والحد من انتشار الفيروس.
تحديات قائمة تعيق جهود المكافحة
على الرغم من التقدم المحرز، لا تزال هناك تحديات تواجه جهود الاستجابة، أبرزها النزاع وعدم الاستقرار في شرق الكونغو الديمقراطية، إحدى أكثر المناطق تضررًا من جدري القرود. يضاف إلى ذلك تقلص المساعدات الإنسانية، مما يعيق الوصول إلى الخدمات الصحية الأساسية. وتشير التقديرات إلى حاجة ماسة لأكثر من 220 مليون دولار أمريكي لسد فجوات التمويل في الاستجابة.
انتشار جغرافي واسع للفيروس
منذ ظهور سلالة “Ib” في أواخر 2023، سُجلت حالات mpox في 28 دولة حول العالم، معظمها في إفريقيا، وخاصة في بوروندي، كينيا، رواندا، أوغندا، جنوب السودان، جنوب إفريقيا، تنزانيا، زامبيا، بالإضافة إلى الكونغو الديمقراطية وجمهورية الكونغو برازافيل. وخلال أول شهرين من عام 2025، أبلغت 60 دولة عن حالات mpox، غالبيتها من القارة الإفريقية.
جهود عالمية منسقة للحد من الانتشار
تأتي هذه الجهود في إطار تنسيق أوسع مع الخطة الاستراتيجية العالمية لمنظمة الصحة العالمية، والتي تهدف إلى الحد من انتقال العدوى بين البشر، والعمل على القضاء على جدري القرود حيثما أمكن. وتؤكد منظمة الصحة العالمية والمراكز الإفريقية لمكافحة الأمراض استمرار العمل مع الحكومات والمجتمعات المحلية والشركاء الدوليين للسيطرة على التفشي وتعزيز قدرة النظم الصحية على الاستجابة المستدامة.